مفهوم الأمن النفسي:
يعد مفهوم الأمن النفسي من المفاهيم المركبة في علم النفس، و يتداخل في مؤشراته مع مفاهيم أخرى مثل الطمأنينة الانفعالية، الأمن الذاتي، التكيف الذاتي، الرضا عن الذات، مفهوم الذات الإيجابي، التوازن الانفعالي.
ويقال للأمن النفسي أيضاً "الأمن الانفعالي" و "الأمن الشخصي" و "الأمن الخاص" ويعد مفهوم الأمن النفسي من المفاهيم الأساسية في مجال الصحة النفسية.
أن الأمن النفسي هو مفهوم معقد نظراً لتأثره بالتغيرات التكنولوجية و الاجتماعية و الاقتصادية السريعة و المتلاحقة في حياة الإنسان خاصة في الفترة المعاصرة، لذلك فدرجة شعور المرء بالأمن النفسي ترتبط بحالته الصحية و علاقاته الاجتماعية ومدى إشباعه لدوافعه الأولية و الثانوية، لذا فإن الأمن النفسي يتكون من شقين:
الأول: داخلي يتمثل في عملية التوافق النفسي مع الذات أي قدرة المرء على حل
الصراعات التي تواجهه و تحمل الأزمات و الحرمان.
الثاني: خارجي و يتمثل في عملية التكيف الاجتماعي، بمعنى قدرة المرء على
التلاؤم مع البيئة الخارجية و التوفيق بين المطالب الغريزية و العالم الخارجي و الأنا الأعلى.
أن الأمن النفسي يعد ظاهرة تحتاج إلى قدر معين من الطاقة النفسية والتي ت
1- معرفية فلسفية: ويقصد بها أن الأمن النفسي يتحدد بالقيمة المعرفية للأشياء والموضوعات المهددة للذات.
2- اجتماعية: أي تتأثر بالظروف الاجتماعية، والنسيج الاجتماعي، وبعملية التنشئة -
الاجتماعية.
3- كمية: بمعنى أن الأمن النفسي هو ظاهرة قابلة للقياس. -
4- إنسانية: إن الأمن النفسي سمة إنسانية يشترك فيها جميع أبناء البشر بشتى مراحلهم العمرية ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية والمعرفية .
هو الطمأنينة النفسية أو الانفعالية وهو الأمن الشخصي أو أمن كل فرد على حدة، وهو حالة يكون فيها إشباع الحاجات مضموناً وغير معرض للخطر وهو محرك الفرد لتحقيق أمنه وترتبط الحاجة إلى الأمن ارتباطا وثيقاً بغريزة المحافظة على البقاء.
ويعرف أنه سكون النفس وطمأنينتها عند تعرضها لأزمة تحمل في ثناياها خطراً من الأخطار، كذلك شعور الفرد بالحماية من التعرض للأخطار الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية المحيطة به.
ويعرف ماسلو الأمن النفسي "بأنه "شعور الفرد بأنه محبوب متقبل من الآخرين له مكانه بينهم، يدرك أن بيئته صديقة ودودة غير محبطة يشعر فيها بندرة الخطر و التهديد و القلق".
* العوامل المؤثرة في الأمن النفسي:
1- الوراثة مقابل البيئة
لقد أوضح (كاتل ) أن هناك تأثيراً للوراثة على بعض السمات من خلال بعض
الدراسات التي قام بإجرائها، في حين ترجع سمات أخرى لعامل البيئة أكثرمن الوراثة.أفادت كل من دراسات (أيزيك، سلاتر) إلى أن للظروف البيئية السيئة الدور الرئيسي في تنمية سمة القلق العالي، كما أشار كاتل نتيجة لدراساته المعتمدة على التحليل العاملي أن القلق وهو أحد محكات الأمن النفسي يرجع الأثر الأكبر المسبب له إلى البيئة الغير سارة. كما أشار كاتل إلى أن عاملي الوراثة والبيئة يعملان معاً على تقوية أو إضعاف بعض السمات، وفي نفس الوقت قد يتعارض دور البيئة مع دور الوراثة في التأثير على أن هناك عوامل متعددة تساعد على ظهور القلق : والذي يعتبر أحد محكات الأمن النفسي"، منها ما يتعلق بالوراثة و تركيب الشخصية النفسي والبيولوجي، و منها ما يتعلق بالظروف البيئية المحيطة للفرد. لا يمكن الحديث عن الوراثة في إطار الاضطرابات الانفعالية دون استخدام كلمات أو مفاهيم تشير إلى عدم توافر الثقة الكاملة في النتائج التي تم الإطلاع عليها في أدبيات الوراثة، و اكتفى بالإشارة إلى أن الوثوق في وراثة المظاهر الانفعالية مازال في ضوء التجريب، وهذا يدل على أن تأثير البيئة في الشعور بالأمن النفسي لها الأثر الأكبر. وهناك العديد من العوامل البيئية المادية والعضوية المختلفة والتي تتمثل في بعض الظواهر الطبيعية والمناخية كالعواصف والبراكين والأعاصير والزلازل..الخ، التي تهدد حياة الإنسان وبقاءه، و كذلك بعض عناصر البيئة الاقتصادية والسياسية تشكل أيضاً مثل هذا التهديد كما هو الحال في الحروب وعدم الاستقرار الاقتصادي وتزايد احتمالات التعرض للأخطار والحوادث وموجات الإجرام والفوضى و الأزمات والانهيار الاجتماعي التي قد تتعرض لها بعض المجتمعات في بعض الظروف.
2- التنشئة الاجتماعية
أن مهمة توفير الأمن النفسي للفرد والذي يعتبر من المتطلبات الأساسية للصحة النفسية والتي يحتاج إليها الفرد كي يتمتع بشخصية إيجابية متزنة منتجة تقع على عاتق الأسرة، أن إدراك الطفل اتجاهات والديه نحوه يعتبر من العوامل المهمة في تكيفه ونموه وشعوره بالأمن النفسي، وأن الطريقة التي يدرك بها الطفل هذه الاتجاهات هي التي تؤثر فعلياً في تكيفه. أن أول ما يحتاجه الأطفال من الناحية النفسية هو الشعور بالأمن العاطفي؛ بمعنى أنهم يحتاجون إلى الشعور بأنهم محبوبون كأفراد، و مرغوب فيهم لذاتهم، وأنهم موضع حب و اعتزاز حيث تظهر هذه الحاجة متكررة في نشأتها و أن خير من يقوم على إشباعها خير قيام هما الوالدان. على أن لخبرات الطفولة دوراً هاماً في نمو الشعور بالأمن لدى الفرد؛ و ذلك استناداً لما أشار إليه فريق من العلماء، و من البحوث التي أكدت أثر خبرات الطفولة على تنمية مشاعر الأمن، ما قام به (ميوشن) وآخرون حيث اتضح أن الذين لم يحصلوا على عطف أسري كاف كانوا أقل أمناً، و أقل ثقة بالنفس، وأكثر قلقاً، و أقل توافقاً من أولئك الذين يحصلون على عطف أسري ، كما ان أساليب التنشئة الاجتماعية، و العلاقات الأسرية القائمة على الاحترام المتبادل، و أساليب التعامل القائمة على تفهم الطفل و تقبله و إشعاره أنه مرغوب فيه، و أساليب الرعاية المتزنة دون إهمال أو نقص تعد شروطاً أساسية للطمأنينة الانفعالية عند الأطفال.وقد أكدت الدراسات أن قيام الوالدين بتنشئة أبناءهم بإسلوب ديموقراطي متسامح يؤدي إلى تنمية الشعور بالأمن لدى الأبناء بصورة أكثر من استخدام الأساليب المتسلطة.
الأمن النفسي و بعض المفاهيم النفسية
1- الأمن النفسي و القلق
أن القلق الذي يسبب للفرد اضطرابات نفسية متعددة يعد مصدراً هاماً من مصادر عدم الشعور بالأمن النفسي، ويتوقف على مدى استجابة الفرد للخطر الذي يهدده. فالاستجابة للخطر بطريقة من الطرق كالهروب الدفاعي، أو الهجوم الإيجابي قد لا يسبب القلق النفسي للفرد، ولكن إذا عجزالفرد عن الاستجابة للخطر بسلوك غير منتظم فإنه قد يصاب بالقلق النفسي الذي قد يستفحل ليصل إلى درجة كبيرة لا يستطيع الفرد أن يقاومه، ويصبح ملازماً له في حياته. ويبين الطبيب النفسي نورمان كاميرون، أن تعلم الأطفال للقلق؛ من خلال قيام آباءهم بالتعامل معهم بطريقة توحي بأن هؤلاء الأطفال أهل للثقة، ويمكن الاعتماد عليهم لذلك فإنهم يتعرضون لصعوبات الراشدين قبل النضج اللازم وأن افتقارهم للخبرة الكافية، و عدم بلوغهم مستوى النضج اللازم لتلك الأعباء يؤدي إلى عدم شعورهم بالأمن النفسي.
2- الأمن النفسي و التوتر
أن التوتر هو عبارة عن ظاهرة نفسية ناجمة عن المواقف الضاغطة و المؤثرة والتي تهدد حاجات الفرد ووجوده وتتطلب منه نوعاً من إعادة التوافق عبر تغيرات جسمية ونفسية و سلوكية. أن التوتر هو "الأساس الدينامي الذي يكمن وراء الشعور بتهديد الطمأنينة أو بتهديد أي اتزان قائم بالنسبة للشخص ككل أو لجانب من جوانبه و ما يترتب على ذلك من تحفز للقضاء على هذا التهديد. وهذا يعني أن هناك علاقة وثيقة بين الأمن النفسي و التوتر حيث يتضح مما سبق أن التوتر الذي يصيب الفرد ينشأ عن ضغوط نفسية مهددة لحاجات الأفراد و من ضمن تلك الحاجات الحاجة إلى الأمن، كما يتضح أن أساس شعور الفرد بعدم الأمن و الطمأنينة ينشأ من خلال اختلال التوازن في الجهاز النفسي لديه.
3- الأمن النفسي و التوافق
التوافق النفسي هو عملية دينامية مستمرة تتناول السلوك والبيئة بالتغير والتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد و بيئته وأنواع التوافق هنا هي:
1- التوافق الشخصي: ويتضمن السعادة مع النفس والرضا عن الذات وإشباع الدوافع الداخلية الأولية والفطرية والثانوية والمكتسبة ويعبر عن سلم داخلي حيث لا صراع داخلي و يتضمن كذلك التوافق لمطالب النمو في مراحله المتتابعة.
2- التوافق الاجتماعي: والذي يتضمن السعادة مع الآخرين و الالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة معاييره الاجتماعية والامتثال لقواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي السليم والعمل لخير الجماعة والسعادة الزوجية مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية.
3- التوافق المهني: ويتضمن الاختبار المناسب للمهنة والاستقرار علماً وتدريباً لها والدخول فيها والإنجاز والكفاءة والإنتاج والشعور بالرضا والنجاح
فالتوافق بأنواعه الشخصي والاجتماعي والمهني يعد محور شعور الفرد بالأمن النفسي.
3- الأمن النفسي و التوازن الانفعالي
هناك علاقة وطيدة بين الأمن النفسي والاتزان الانفعالي، أن الاتزان الانفعالي هو عبارة عن "الاطمئنان والاستقرار للفرد والتوازن النفسي يظهر من خلال تنمية الشخصية السوية، ان الطريقة التي تساعد الفرد على خفض التوتر وإشباع الدافع والعودة إلى الحالة التي تتوازن فيها مشاعره مع المنبهات الخارجية التي يدركها ويكون تفكيره وشعوره وسلوكه غالباً منسقاً في انسجام مع مفهومه لذاته ودافعيته لإنجاز بعض المهمات الأخرى وباتجاهه نحو المواقف الصعبة التي يقدم عليها.
4- الأمن النفسي والثقة بالنفس
ترتبط الثقة بالنفس ارتباطاً وثيقاً بالشعور بالأمن والطمأنينة النفسية فهي ترتبط بإحساس الفرد بالسعادة، والسعادة هي حالة نفسية من الارتياح ترتكز بصفة أساسية على الإحساس بالطمأنينة النفسية والثقة بالنفس وليس من الممكن أن يحس شخص بالطمأنينة إلا إذا توفرت لديه الثقة بالنفس وأكثر من هذا فإن الثقة بالنفس هي الدرع الواقي للطمأنينة، فمن يفتقر إلى الثقة بالنفس يكون عرضة في أية لحظة للاضطراب والشعور بأن كل شيء يتربص به و يتآمر عليه و يتوعده. أن الأمن يتضمن الثقة بالنفس والهدوء والطمأنينة النفسية نتيجة للشعور بعدم الخوف من أي خطر أو ضرر.
5- الأمن النفسي و مفهوم الذات
أن درجة الشعور بالأمن والطمأنينة النفسية تزداد عند الأفراد كلما كانت المفاهيم عن الذات أكثر إيجابية وتزداد مشاعر الخطر والتهديد والقلق عند الأفراد الذين يعانون من مفاهيم سلبية عن ذواتهم، كما أوضحت بعض الدراسات أن هناك فرقاً في درجة الأمن النفسي بين مجموعات مفهوم الذات. وأن ذوي الدرجات المرتفعة في مفهوم الذات والتي تعبر عن مفهوم إيجابي عن الذات يكونون أكثر شعوراًُ بالأمن النفسي من ذوي الدرجات المتوسطة و المنخفضة.
6- الأمن النفسي والصحة النفسية
أن بناء الصحة النفسية ترتكز على دعامتين أساسيتين هما :-الاطمئنان النفسي والمحبة وهي مسيرة الحياة الطبيعية عند علماء النفس والتي تبدأ من الطفولة و تنتهي بالشيخوخة، بمعنى أن الاطمئنان و المحبة يسيران مسيرتهما في النفس البشرية بين شاطئين، شاطئ الاطمئنان في الطفولة وشاطئ الأمن و الأمان في الشيخوخة و هذه المرحلة تستغرق العمر كله.
على أن إشباع الحاجة إلى الأمن ضروري للنمو النفسي السوي والتمتع بالصحة النفسية في جميع مراحل الحياة فقد تبين من دراسات عديدة أن الأشخاص الآمنين متفائلون سعداء متوافقون مع مجتمعهم مبدعون في أعمالهم ناجحون في حياتهم، في حين كان الأشخاص الغير آمنين قلقين متشائمين، معرضين للانحرافات النفسية والأمراض السيكوسوماتية.
المصادر
علي سعد، ( ١٩٩٩ ): مستويات الأمن النفسي لدى الشباب الجامعي، مجلة جامعة دمشق، المجلد 15،العدد 1
2- محمد جبر، ( ١٩٩٦ ): بعض المتغيرات الديموجرافية المرتبطة بالأمن النفسي، مجلة علم النفس، السنة العاشرة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
3- حامد عبد السلام زهران ( ١٩٨٥):الصحة النفسية والعلاج النفسي، القاهرة، ط ٢، عالم الكتب
4- صالح الصنيع، ( ١٩٩٥ ): دراسات في التأصيل الإسلامي لعلم النفس، ط ١، دار عالم،ص70
5- كمال دواني، و عيد ديراني، ( ١٩٨٣ ): اختبار ماسلو للشعور بالأمن، مجلة دراسات العلوم الإنسانية، المجلد ١٠ ، العدد ٢، عمان: الجامعة الأردنية.
6- محمد السيد عبد الرحمن، ( ١٩٩٨ ): دراسات في الصحة النفسية، الجزء ١، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع: القاهرة
7- كمال الدسوقي ( ١٩٧٩ ): النمو ا لتربوي للطفل و المراهق، دار النهضة العربية: القاهرة.
8- كمال دواني، وعيد ديراني ( ١٩٨٣ ): اختبار ماسلو للشعور بالأمن، مجلة دراسات العلوم الإنسانية، المجلد ١٠ ، العدد ٢، عمان: الجامعة الأردنية.
9- أمال عبد القادر جودة، ( ١٩٩٨ ): مستوى التوتر النفسي و علاقته ببعض المتغيرات،رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية: غزة.
10- حامد عبد السلام زهران، ( ١٩٧٧ ): علم النمو "الطفولة و المراهقة"، عالم الكتب:القاهرة.
11- محمد حسن مطوع، ( ١٩٩٧ ): التوازن النفسي لطلاب و طالبات المرحلتين الإعدادية والثانوي،مجلة جامعة الملك سعود ،مجلد( ٨)، عدد1
12- يوسف ميخائيل أسعد (د. ت): الثقة بالنفس، دار نهضة مصر للطباعة والنشر: القاهرة.
13- أحمد محمد الزعبي، ( ١٩٩٤ ): الإرشاد النفسي (نظريات، اتجاهاته، مجالاته)، ط ١، دارالحرف العربي: بيروت- لبنان
14- محمد يوسف خليل، ( ٢٠٠٢ ): أولادنا و الصحة النفسية، ط ١، جهاد للنشر والتوزيع، عمان.
عماد جاسم
طالب دكتوراه
كلية التربية الاساسية / الجامعة المستنصرية
يعد مفهوم الأمن النفسي من المفاهيم المركبة في علم النفس، و يتداخل في مؤشراته مع مفاهيم أخرى مثل الطمأنينة الانفعالية، الأمن الذاتي، التكيف الذاتي، الرضا عن الذات، مفهوم الذات الإيجابي، التوازن الانفعالي.
ويقال للأمن النفسي أيضاً "الأمن الانفعالي" و "الأمن الشخصي" و "الأمن الخاص" ويعد مفهوم الأمن النفسي من المفاهيم الأساسية في مجال الصحة النفسية.
أن الأمن النفسي هو مفهوم معقد نظراً لتأثره بالتغيرات التكنولوجية و الاجتماعية و الاقتصادية السريعة و المتلاحقة في حياة الإنسان خاصة في الفترة المعاصرة، لذلك فدرجة شعور المرء بالأمن النفسي ترتبط بحالته الصحية و علاقاته الاجتماعية ومدى إشباعه لدوافعه الأولية و الثانوية، لذا فإن الأمن النفسي يتكون من شقين:
الأول: داخلي يتمثل في عملية التوافق النفسي مع الذات أي قدرة المرء على حل
الصراعات التي تواجهه و تحمل الأزمات و الحرمان.
الثاني: خارجي و يتمثل في عملية التكيف الاجتماعي، بمعنى قدرة المرء على
التلاؤم مع البيئة الخارجية و التوفيق بين المطالب الغريزية و العالم الخارجي و الأنا الأعلى.
أن الأمن النفسي يعد ظاهرة تحتاج إلى قدر معين من الطاقة النفسية والتي ت
1- معرفية فلسفية: ويقصد بها أن الأمن النفسي يتحدد بالقيمة المعرفية للأشياء والموضوعات المهددة للذات.
2- اجتماعية: أي تتأثر بالظروف الاجتماعية، والنسيج الاجتماعي، وبعملية التنشئة -
الاجتماعية.
3- كمية: بمعنى أن الأمن النفسي هو ظاهرة قابلة للقياس. -
4- إنسانية: إن الأمن النفسي سمة إنسانية يشترك فيها جميع أبناء البشر بشتى مراحلهم العمرية ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية والمعرفية .
هو الطمأنينة النفسية أو الانفعالية وهو الأمن الشخصي أو أمن كل فرد على حدة، وهو حالة يكون فيها إشباع الحاجات مضموناً وغير معرض للخطر وهو محرك الفرد لتحقيق أمنه وترتبط الحاجة إلى الأمن ارتباطا وثيقاً بغريزة المحافظة على البقاء.
ويعرف أنه سكون النفس وطمأنينتها عند تعرضها لأزمة تحمل في ثناياها خطراً من الأخطار، كذلك شعور الفرد بالحماية من التعرض للأخطار الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية المحيطة به.
ويعرف ماسلو الأمن النفسي "بأنه "شعور الفرد بأنه محبوب متقبل من الآخرين له مكانه بينهم، يدرك أن بيئته صديقة ودودة غير محبطة يشعر فيها بندرة الخطر و التهديد و القلق".
* العوامل المؤثرة في الأمن النفسي:
1- الوراثة مقابل البيئة
لقد أوضح (كاتل ) أن هناك تأثيراً للوراثة على بعض السمات من خلال بعض
الدراسات التي قام بإجرائها، في حين ترجع سمات أخرى لعامل البيئة أكثرمن الوراثة.أفادت كل من دراسات (أيزيك، سلاتر) إلى أن للظروف البيئية السيئة الدور الرئيسي في تنمية سمة القلق العالي، كما أشار كاتل نتيجة لدراساته المعتمدة على التحليل العاملي أن القلق وهو أحد محكات الأمن النفسي يرجع الأثر الأكبر المسبب له إلى البيئة الغير سارة. كما أشار كاتل إلى أن عاملي الوراثة والبيئة يعملان معاً على تقوية أو إضعاف بعض السمات، وفي نفس الوقت قد يتعارض دور البيئة مع دور الوراثة في التأثير على أن هناك عوامل متعددة تساعد على ظهور القلق : والذي يعتبر أحد محكات الأمن النفسي"، منها ما يتعلق بالوراثة و تركيب الشخصية النفسي والبيولوجي، و منها ما يتعلق بالظروف البيئية المحيطة للفرد. لا يمكن الحديث عن الوراثة في إطار الاضطرابات الانفعالية دون استخدام كلمات أو مفاهيم تشير إلى عدم توافر الثقة الكاملة في النتائج التي تم الإطلاع عليها في أدبيات الوراثة، و اكتفى بالإشارة إلى أن الوثوق في وراثة المظاهر الانفعالية مازال في ضوء التجريب، وهذا يدل على أن تأثير البيئة في الشعور بالأمن النفسي لها الأثر الأكبر. وهناك العديد من العوامل البيئية المادية والعضوية المختلفة والتي تتمثل في بعض الظواهر الطبيعية والمناخية كالعواصف والبراكين والأعاصير والزلازل..الخ، التي تهدد حياة الإنسان وبقاءه، و كذلك بعض عناصر البيئة الاقتصادية والسياسية تشكل أيضاً مثل هذا التهديد كما هو الحال في الحروب وعدم الاستقرار الاقتصادي وتزايد احتمالات التعرض للأخطار والحوادث وموجات الإجرام والفوضى و الأزمات والانهيار الاجتماعي التي قد تتعرض لها بعض المجتمعات في بعض الظروف.
2- التنشئة الاجتماعية
أن مهمة توفير الأمن النفسي للفرد والذي يعتبر من المتطلبات الأساسية للصحة النفسية والتي يحتاج إليها الفرد كي يتمتع بشخصية إيجابية متزنة منتجة تقع على عاتق الأسرة، أن إدراك الطفل اتجاهات والديه نحوه يعتبر من العوامل المهمة في تكيفه ونموه وشعوره بالأمن النفسي، وأن الطريقة التي يدرك بها الطفل هذه الاتجاهات هي التي تؤثر فعلياً في تكيفه. أن أول ما يحتاجه الأطفال من الناحية النفسية هو الشعور بالأمن العاطفي؛ بمعنى أنهم يحتاجون إلى الشعور بأنهم محبوبون كأفراد، و مرغوب فيهم لذاتهم، وأنهم موضع حب و اعتزاز حيث تظهر هذه الحاجة متكررة في نشأتها و أن خير من يقوم على إشباعها خير قيام هما الوالدان. على أن لخبرات الطفولة دوراً هاماً في نمو الشعور بالأمن لدى الفرد؛ و ذلك استناداً لما أشار إليه فريق من العلماء، و من البحوث التي أكدت أثر خبرات الطفولة على تنمية مشاعر الأمن، ما قام به (ميوشن) وآخرون حيث اتضح أن الذين لم يحصلوا على عطف أسري كاف كانوا أقل أمناً، و أقل ثقة بالنفس، وأكثر قلقاً، و أقل توافقاً من أولئك الذين يحصلون على عطف أسري ، كما ان أساليب التنشئة الاجتماعية، و العلاقات الأسرية القائمة على الاحترام المتبادل، و أساليب التعامل القائمة على تفهم الطفل و تقبله و إشعاره أنه مرغوب فيه، و أساليب الرعاية المتزنة دون إهمال أو نقص تعد شروطاً أساسية للطمأنينة الانفعالية عند الأطفال.وقد أكدت الدراسات أن قيام الوالدين بتنشئة أبناءهم بإسلوب ديموقراطي متسامح يؤدي إلى تنمية الشعور بالأمن لدى الأبناء بصورة أكثر من استخدام الأساليب المتسلطة.
الأمن النفسي و بعض المفاهيم النفسية
1- الأمن النفسي و القلق
أن القلق الذي يسبب للفرد اضطرابات نفسية متعددة يعد مصدراً هاماً من مصادر عدم الشعور بالأمن النفسي، ويتوقف على مدى استجابة الفرد للخطر الذي يهدده. فالاستجابة للخطر بطريقة من الطرق كالهروب الدفاعي، أو الهجوم الإيجابي قد لا يسبب القلق النفسي للفرد، ولكن إذا عجزالفرد عن الاستجابة للخطر بسلوك غير منتظم فإنه قد يصاب بالقلق النفسي الذي قد يستفحل ليصل إلى درجة كبيرة لا يستطيع الفرد أن يقاومه، ويصبح ملازماً له في حياته. ويبين الطبيب النفسي نورمان كاميرون، أن تعلم الأطفال للقلق؛ من خلال قيام آباءهم بالتعامل معهم بطريقة توحي بأن هؤلاء الأطفال أهل للثقة، ويمكن الاعتماد عليهم لذلك فإنهم يتعرضون لصعوبات الراشدين قبل النضج اللازم وأن افتقارهم للخبرة الكافية، و عدم بلوغهم مستوى النضج اللازم لتلك الأعباء يؤدي إلى عدم شعورهم بالأمن النفسي.
2- الأمن النفسي و التوتر
أن التوتر هو عبارة عن ظاهرة نفسية ناجمة عن المواقف الضاغطة و المؤثرة والتي تهدد حاجات الفرد ووجوده وتتطلب منه نوعاً من إعادة التوافق عبر تغيرات جسمية ونفسية و سلوكية. أن التوتر هو "الأساس الدينامي الذي يكمن وراء الشعور بتهديد الطمأنينة أو بتهديد أي اتزان قائم بالنسبة للشخص ككل أو لجانب من جوانبه و ما يترتب على ذلك من تحفز للقضاء على هذا التهديد. وهذا يعني أن هناك علاقة وثيقة بين الأمن النفسي و التوتر حيث يتضح مما سبق أن التوتر الذي يصيب الفرد ينشأ عن ضغوط نفسية مهددة لحاجات الأفراد و من ضمن تلك الحاجات الحاجة إلى الأمن، كما يتضح أن أساس شعور الفرد بعدم الأمن و الطمأنينة ينشأ من خلال اختلال التوازن في الجهاز النفسي لديه.
3- الأمن النفسي و التوافق
التوافق النفسي هو عملية دينامية مستمرة تتناول السلوك والبيئة بالتغير والتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد و بيئته وأنواع التوافق هنا هي:
1- التوافق الشخصي: ويتضمن السعادة مع النفس والرضا عن الذات وإشباع الدوافع الداخلية الأولية والفطرية والثانوية والمكتسبة ويعبر عن سلم داخلي حيث لا صراع داخلي و يتضمن كذلك التوافق لمطالب النمو في مراحله المتتابعة.
2- التوافق الاجتماعي: والذي يتضمن السعادة مع الآخرين و الالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة معاييره الاجتماعية والامتثال لقواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي السليم والعمل لخير الجماعة والسعادة الزوجية مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية.
3- التوافق المهني: ويتضمن الاختبار المناسب للمهنة والاستقرار علماً وتدريباً لها والدخول فيها والإنجاز والكفاءة والإنتاج والشعور بالرضا والنجاح
فالتوافق بأنواعه الشخصي والاجتماعي والمهني يعد محور شعور الفرد بالأمن النفسي.
3- الأمن النفسي و التوازن الانفعالي
هناك علاقة وطيدة بين الأمن النفسي والاتزان الانفعالي، أن الاتزان الانفعالي هو عبارة عن "الاطمئنان والاستقرار للفرد والتوازن النفسي يظهر من خلال تنمية الشخصية السوية، ان الطريقة التي تساعد الفرد على خفض التوتر وإشباع الدافع والعودة إلى الحالة التي تتوازن فيها مشاعره مع المنبهات الخارجية التي يدركها ويكون تفكيره وشعوره وسلوكه غالباً منسقاً في انسجام مع مفهومه لذاته ودافعيته لإنجاز بعض المهمات الأخرى وباتجاهه نحو المواقف الصعبة التي يقدم عليها.
4- الأمن النفسي والثقة بالنفس
ترتبط الثقة بالنفس ارتباطاً وثيقاً بالشعور بالأمن والطمأنينة النفسية فهي ترتبط بإحساس الفرد بالسعادة، والسعادة هي حالة نفسية من الارتياح ترتكز بصفة أساسية على الإحساس بالطمأنينة النفسية والثقة بالنفس وليس من الممكن أن يحس شخص بالطمأنينة إلا إذا توفرت لديه الثقة بالنفس وأكثر من هذا فإن الثقة بالنفس هي الدرع الواقي للطمأنينة، فمن يفتقر إلى الثقة بالنفس يكون عرضة في أية لحظة للاضطراب والشعور بأن كل شيء يتربص به و يتآمر عليه و يتوعده. أن الأمن يتضمن الثقة بالنفس والهدوء والطمأنينة النفسية نتيجة للشعور بعدم الخوف من أي خطر أو ضرر.
5- الأمن النفسي و مفهوم الذات
أن درجة الشعور بالأمن والطمأنينة النفسية تزداد عند الأفراد كلما كانت المفاهيم عن الذات أكثر إيجابية وتزداد مشاعر الخطر والتهديد والقلق عند الأفراد الذين يعانون من مفاهيم سلبية عن ذواتهم، كما أوضحت بعض الدراسات أن هناك فرقاً في درجة الأمن النفسي بين مجموعات مفهوم الذات. وأن ذوي الدرجات المرتفعة في مفهوم الذات والتي تعبر عن مفهوم إيجابي عن الذات يكونون أكثر شعوراًُ بالأمن النفسي من ذوي الدرجات المتوسطة و المنخفضة.
6- الأمن النفسي والصحة النفسية
أن بناء الصحة النفسية ترتكز على دعامتين أساسيتين هما :-الاطمئنان النفسي والمحبة وهي مسيرة الحياة الطبيعية عند علماء النفس والتي تبدأ من الطفولة و تنتهي بالشيخوخة، بمعنى أن الاطمئنان و المحبة يسيران مسيرتهما في النفس البشرية بين شاطئين، شاطئ الاطمئنان في الطفولة وشاطئ الأمن و الأمان في الشيخوخة و هذه المرحلة تستغرق العمر كله.
على أن إشباع الحاجة إلى الأمن ضروري للنمو النفسي السوي والتمتع بالصحة النفسية في جميع مراحل الحياة فقد تبين من دراسات عديدة أن الأشخاص الآمنين متفائلون سعداء متوافقون مع مجتمعهم مبدعون في أعمالهم ناجحون في حياتهم، في حين كان الأشخاص الغير آمنين قلقين متشائمين، معرضين للانحرافات النفسية والأمراض السيكوسوماتية.
المصادر
علي سعد، ( ١٩٩٩ ): مستويات الأمن النفسي لدى الشباب الجامعي، مجلة جامعة دمشق، المجلد 15،العدد 1
2- محمد جبر، ( ١٩٩٦ ): بعض المتغيرات الديموجرافية المرتبطة بالأمن النفسي، مجلة علم النفس، السنة العاشرة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
3- حامد عبد السلام زهران ( ١٩٨٥):الصحة النفسية والعلاج النفسي، القاهرة، ط ٢، عالم الكتب
4- صالح الصنيع، ( ١٩٩٥ ): دراسات في التأصيل الإسلامي لعلم النفس، ط ١، دار عالم،ص70
5- كمال دواني، و عيد ديراني، ( ١٩٨٣ ): اختبار ماسلو للشعور بالأمن، مجلة دراسات العلوم الإنسانية، المجلد ١٠ ، العدد ٢، عمان: الجامعة الأردنية.
6- محمد السيد عبد الرحمن، ( ١٩٩٨ ): دراسات في الصحة النفسية، الجزء ١، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع: القاهرة
7- كمال الدسوقي ( ١٩٧٩ ): النمو ا لتربوي للطفل و المراهق، دار النهضة العربية: القاهرة.
8- كمال دواني، وعيد ديراني ( ١٩٨٣ ): اختبار ماسلو للشعور بالأمن، مجلة دراسات العلوم الإنسانية، المجلد ١٠ ، العدد ٢، عمان: الجامعة الأردنية.
9- أمال عبد القادر جودة، ( ١٩٩٨ ): مستوى التوتر النفسي و علاقته ببعض المتغيرات،رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية: غزة.
10- حامد عبد السلام زهران، ( ١٩٧٧ ): علم النمو "الطفولة و المراهقة"، عالم الكتب:القاهرة.
11- محمد حسن مطوع، ( ١٩٩٧ ): التوازن النفسي لطلاب و طالبات المرحلتين الإعدادية والثانوي،مجلة جامعة الملك سعود ،مجلد( ٨)، عدد1
12- يوسف ميخائيل أسعد (د. ت): الثقة بالنفس، دار نهضة مصر للطباعة والنشر: القاهرة.
13- أحمد محمد الزعبي، ( ١٩٩٤ ): الإرشاد النفسي (نظريات، اتجاهاته، مجالاته)، ط ١، دارالحرف العربي: بيروت- لبنان
14- محمد يوسف خليل، ( ٢٠٠٢ ): أولادنا و الصحة النفسية، ط ١، جهاد للنشر والتوزيع، عمان.
عماد جاسم
طالب دكتوراه
كلية التربية الاساسية / الجامعة المستنصرية
0 commentaires :
إرسال تعليق