العوامل الفاعلة في علم النفس الرياضي
________________________
مقدمة
إن من غير الإنصاف أو الموضوعية أن يرتبط استقلال علم النفس في أذهاننا بجهد فردي قام به شخص ما، أو أن يقترن بواقعة معينة, فأن علم كهذا لا يمكن أن يكون إلاّ نتاج نشاط المئات من العلماء والباحثين في العديد من ميادين الفكر والعلم.
إنَّ الفهم الصحيح أو الخاطئ لخصائص علم النفس يعدّ واحداً من الأسباب التي تدعودائما إلى العودة إليها من أجل توضيحها والتحفيز على تحديد غايات هذا العلم ووسائله. فقد شهد هذا العلم، وما يزال يشهد، تبايناً في وجهات نظر العاملين فيه، مثلما عانى، ويعاني حتى الآن، من آراء بعض المفكرين والمثقفين القاصرة حيناً، والسلبية أحياناً. وهذا ما يميز "مناخ" علم النفس عن "مناخات" العلوم الأخرى: الطبيعية منها والاجتماعية، ولو بدرجات متفاوتة.
و قد وضع عالم النفس ياروشيفسكي كتاب في "تاريخ علم النفس" عام 1966. وقدم فيه صورة شاملة عن تطور الأفكار النفسية منذ ظهور الحكماء والأطباء الهنود والصينيين واليونانيين القدماء حتى قيام علم النفس كعلمٍ مستقل مروراً بالفلاسفة والمفكرين الذين برزوا في ظلّ الحضارة العربية-الإسلامية، ومن ثمّ فلاسفة عصور النهضة الأوربية. وتحدث بعد ذلك عن المدارس والنظريات التي نشأت وتطورت في مضمار علم النفس العالمي حتى منتصف الستينيات من القرن العشرين .( علم النفس في القرن العشرين د. بدر الدين عامود)
إنّ مرحلة النضج والعطاء عند الإنسان عامة، والباحث خاصة، ما هي إلا نتاج التفاعل والتواصل الاجتماعيين وثمرة من ثمار التربية بأوسع معاني هذه الكلمة عبر المراحل العمرية السابقة. ومهما حاول بعض العلماء تجاهل أو تجاوز نوايا هذه العلاقة واتجاهها، فإن المعاينة الدقيقة تكشف عن وجود الوعي الاجتماعي على مجمل نشاطهم كمظهر من مظاهر الوعي الإنسانيّ. وهذا ما عبر عنه الفيلسوف البريطاني برترند راسل حين قال: "إن كل الحيوانات سلكت سلوكاً يتفق مع الفلسفة التي يعتنقها الشخص الملاحظ قبل أن يبدأ ملاحظاته. بل وأكثر من ذلك، فإنّ هذه الحيوانات قد أوضحت الخصائص القومية لصاحب الملاحظة. فالحيوانات التي قام الأمريكيون بإجراء الدراسات عليها تندفع في حالة من الهياج وبنشاط واستثارة واضحة غير عادية، وفي النهاية تصل إلى النتيجة المنشودة عن طريق الصدفة. أما الحيوانات التي قام الألمان بملاحظتها فتقف ساكنة وتفكّر، وفي النهاية تصل إلى الحلّ الذي يكون بعيداً عن شعورها الداخلي"،(منصور طلعت وآخرون، 1978، 101).
ومن خلال هذا المسعى ظهرت فروع علم النفس وتشعبت استجابة لمتطلبات العصر وأهداف المجتمعات وحاجات الأفراد المتزايدة. وهكذا يمكن تصنيف فروع علم النفس بالاعتماد على أسس ثلاثة، وهي:
1-النشاط الذي يمارسه الإنسان.
2-النمو النفسي.
3-علاقة الإنسان(الذي ينشط ويتفاعل أثناء نموه) بالآخرين
وهكذا فقد أدى اهتمام علم النفس بدراسة هذه الظواهر الثلاث و من خلال أوجه النشاط الإنساني المختلفة إلى ظهور عدد من الفروع والأقسام، ومن بينها -علم النفس الرياضي الذي بدأ يدرس الخصائص النفسية عند الرياضي، ويعالج شروط ووسائل إعداده. يهدف علم النفس الرياضي إلى تحقيق جملة من الأهداف، هي: - فهم السلوك الرياضي وتفسيره، ومعرفة أسباب حدوث السلوك الرياضي، والعوامل التي تؤثر فيه. - التنبؤ بما سيكون عليه السلوك الرياضي، وذلك استنادً إلى معرفة العلاقات الموجودة بين الظواهر الرياضية ذات العلاقة بهذا المجال. - ضبط السلوك الرياضي والتحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه، وغالبًا ما تكون الآراء حول كيفية ضبط وتوجيه الحياة، مثل: معرفة أفضل الطرق لتنشئة الأطفال رياضيًا - اكتساب الأصدقاء - التأثير على الآخرين - ضبط الغضب. وتنصب الغاية من دراسة السلوك الرياضي في جملة أهداف، منها:
الصحة النفسية: يهتم علم النفس الرياضي بالصحة النفسية بجانب الصحة البدنية في وقت واحد، فالرياضي القلق والمتردد لا يمكن أن يحقق أي إنجاز رياضي مهما تدرب أو تلقى من المفاهيم والنظريات التدريبية.
الاهتمام بالسلوك الرياضي: يشمل موضوعات مهمة في علم النفس الرياضي، مثل: الشخصية - الدافعية - الضغوط النفسية - الاحتراق النفسي - الاحتراف - العنف الرياضي - العدوان الرياضي - حركة الجماعة -
أفكار ومشاعر الرياضيين- والعديد من الأبعاد الأخرى الناتجة عن الاشتراك في الرياضة والنشاط البدني.
الاثار النفسية للتربية البدنية والرياضة
وفي دراسة أجراها رائد علم نفس الرياضة أوجليفي، علي عينة تتكون من خمسة عشر ألفًا من الرياضيين، أوضحت النتائج أن للتربية البدنية والرياضة التأثيرات النفسية التالية:
- اكتساب الحاجة إلي تحقيق وإجراء أهداف عالية لأنفسهم ولغيرهم.
- الاتسام بالانضباط والطاعة واحترام السلطة.
- إكساب مستوى رفيع من الكفاءات النفسية المرغوبة مثل: الثقة بالنفس، الاتزان الانفعالي، التحكم في النفس، انخفاض التوتر، انخفاض في التعبيرات العدوانية.
وتعد المعايير الشخصية ركنًا أساسيًا في بناء المجتمعات الحديثة في زمن الحاجات واللهث خلف أوهام تحقيق الذات ونسج الخيالات عليها بغية إظهارها بصورتها المتوافقة مع متطلبات المجتمع.
وإذا نظرنا إلي الناس في أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم ولآرائهم وميولهم واتجاهاتهم واستعداداتهم - رأينا أن كل إنسان منهم يختلف عن غيره من جهة، ويشترك معه في عدد من النواحي من جهة أخرى، وأن الاختلاف يبقى دائمًا هو السمة البارزة غم وجود تلك المشتركات.
لذلك نستطيع القول بأن كل إنسان يشبه كل الناس من جهة، ويشبه بعض الناس من جهة أخرى، وهو متميز من جهة ثالثة، حيث إنه ينتمي إلي نوع الإنسان ويحمل خصائصه الإنسانية العامة، ويشبه عددًا من الناس في بعض تصرفاتهم ومظاهر سلوكهم، ولكنه يبقى متميزًا متفردًا من حيث هو كشخص.
وهنا يبرز دور الإبداع للمدرب أو المربي الرياضي في كيفية استخدام و ربط هذا التشابه و الاختلاف لخلق روح المنافسة الصحيحة بين الأقران و كيفية إنماء الخصوصية لدى الرياضي في التطوير و تحقيق أفضل الانجازات بما يعجز أقرانه عنها رغم الاشتراك في بعض المزايا.
أن خلاص الإنسانية الأكبر لن يكون إلا بالنمو البدني و الروحي معا للإنسان، وليس في تنمية الموارد المهددة بالهلاك, فحين يشعر الإنسان بجسامة الأمانة المنوطة به، تنفتح له آفاق لا حدود لها للمبادرة للقيام بشيء ماز
إن علينا أن نوقن أن القصور و التقصير وكذلك الانزواء الذي نراه اليوم في كثير من الناس ما هو إلا وليد تبلدا لإحساس و الشعور بالصفات المشتركة فقط و التي لا تذكي روح المنافسة و التحدي ولا بالمسئولية الكاملة عن أي شيء, وهنا يبرز دور الحاجة للمساعدة (من قبل المدرب آو المربي) لإظهار الصفات الفردية التي تميزه عن غيره والدفع نحو الانجاز الفردي.
العوامل المساعدة للرقي الرياضي
الإرادة:
وهي شرط لكل تغيير، بل وشرط لكل ثبات واستقامة، وفي هذا السياق فإن الرياضي يعطينا نموذجًا رائعًا في إرادة الاستمرار، فهو يتدرب لاكتساب اللياقة البدنية والمهارية والخططية... وغيرها، وهكذا فإن تنمية الشخصية ما هي إلا استمرار في اكتساب عادات جديدة حميدة.
التغيير:
يظن كثير من الناس أن وضعه الحالي جيد ومقبول أو أنه ليس الأسوأ علي كل حال، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكانياته محدودة، ولذلك فإن ما هو فيه لا يمكن تغييره !، والحقيقة أن الإنسان حين يتطلع إلي التفوق علي ذاته والتغلب علي المشكلات من أمامه سوف يجد أن إمكانيات التحسين أمامه مفتوحة مهما كانت ظروفه.
الشخصية القيادية :
تقوم القيادة الناجحة في التربية البدنية والرياضة علي توافر جملة من السمات الشخصية للقائد، ومن أبرز هذه السمات، ما يلي:
- القدرة علي تفهم الأهداف العامة للتربية البدنية والرياضة.
- توافر السمات البدنية والعقلية الضرورية لممارسة الدور القيادي.
- توافر المهارات والخبرات الفذة في الإنجاز.
- توافر سمات اجتماعية ونفسية رفيعة تجعله في قمة السمو والإقتداء.
- توافر مقومات مكتسبة تضفي علي دوره المزيد من النجاح.
ألممارسات و التطبيقات العملية
لقد ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بحل المشكلات في إطار سيكولوجية التفكير، والتفكير الابتكاري بصورة خاصة، وفي إطار التربية بصورة عامة والتربية البدنية والرياضة بصفة خاصة، وتتجلى أهمية طريقة حل المشكلات كإحدى أهم طرائق تنمية التفكير للرياضي في أن المتعلم في شروط المواقف الإشكالية يكتشف عناصر جديدة وينمي أساليب غير مألوفة ويختبر فرضيات وتوقعات من صنعه هو و بتقدير ذاتي و اني للموقف، وبفضل ذلك ونتيجة له يصبح قادرًا علي تجاوز قدر أكبر من الصعوبات التي تواجهه، وعلي اتخاذ قرارات أكثر دقة وملاءمة.
يعتبر علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية اختصاصا أساسيا في العلم الرياضي، إذ جاء إنشاء هذا الاختصاص نتيجة لتطور الطرق وتنوعها، وتعدد فرق المختصين في المجتمع العلمي. ويمكن تحديد علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية ووصفها من خلال هذا الشكل الثلاثي الأبعاد الذي يجمع علم النفس الرياضي مع كافة العلوم الرياضية و البدنية. (لاحظ الشكل المرفق)
إن علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية تعميق للمعرفة العلمية المحترفة التي تسلط الضوء على أبعاد السلوك الناتجة عن التمارين الرياضية المختلفة. ويهدف هذا الاختصاص إلى تشخيص الطرق المستخدمة في تعديل السلوك الرياضي بغية تطويرها، وذلك بالاعتماد على البحوث التجريبية والمعايير الأخلاقية. (البروفسور ديتر هاكفورت، رئيس الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي)
وبقدر ما تكون علاقات الفرد الذاتية والاجتماعية واضحة، بقدر ما يمكننا من دراسة وتشخيص أسسه الفيزيونفسية، والاجتماعية النفسية ، والبيئية النفسية، وكذلك استعداداته الأولية والتنبؤ بإنجازاته المستقبلية في التدريب والرياضة ، وذلك من خلال رؤية واضحة تساهم في بلوغ ذروة الأداء
وقد انصبّ اهتمام العديد من الباحثين والخبراء على جوانب مختارة كتركيزهم على أهداف وطرق خاصة. وقد يتم التركيز على أبعاد نفسية مختلفة (مثل الأبعاد العاطفية والذهنية والتحفيزية والمحرّكة للأحاسيس). وتبعا لذلك، يمكن أن يكون النشاط البدني نشاطا تنافسيا وترفيهيا ومساعدا على استرجاع اللياقة. كما يمكن للمشاركين أن ينخرطوا في أنشطة وتمارين مختلفة.
إنّ لرؤية علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية تصوّر ذو بعدين: فمن جهة، يقوم هذا العلم بتحليل كيفية مراقبة الأفعال الرياضية والتحكم فيها بواسطة عمليات نفسية . ومن جهة أخرى، فهو يقوم بدراسة كيفية تحكم التمارين والأفعال الرياضية في العمليات النفسية وتنظيمها، (مثل العمليات الذهنية والعاطفية والشعورية والتحفيزية والإدارية). وتهدف هذه العمليات إلى تعزيزا لمفاهيم النظرية وتوسيع دور الوسائل الفعالة التي تتدخل في الرياضة .
يهتم علماء النفس الرياضي والتمارين الرياضية التطبيقيون بتعزيز الأداء وتقديم الاستشارة والتأهيل إثر الإصابة وتشجيع النشاط البدني للحفاظ على الصحة. كما يقوم علماء النفس الرياضي والتمارين الرياضية التطبيقيون بتطوير البحوث الرياضية واختبار النماذج والنظريات وإجراء دراسات علمية لفهم الأساليب المرتبطة بالرياضة والتمارين الرياضية.
ويقوم علماء النفس الرياضي، سواء كانوا باحثين أو تطبيقيين بالمساهمة في التطور الشخصي في الحالات التي تؤدّى فيها الرياضة والتمارين الرياضية. كما يحرص علماء النفس الرياضي على متابعة ثلاثة أنشطة مختلفة ولكنها متداخلة فيما بينها: النظرية والبحث، التربية، التطبيق
لقد تطور علم النفس الرياضي في القرن العشرين. وذلك إثر مبادرة ويلهام فونت سنة 1879 بتأسيس المختبر الأول لعلم النفس الرياضي التجريبي في مدينة لابزك (ألمانيا) ثم المختبر الأول لعلم النفس الرياضي سنة 1920 بفضل شولت في مدينة برلين (ألمانيا) واتبعه جريفث في مدينة إلينوي (الولايات المتحدة الأمريكية) سنة 1925. وقد لعب بيار دو كوبرتن، مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة دورا مهما عندما نظم الملتقى الدولي الأول والوحيد من نوعه حول علم النفس والفيزيولوجيا في الرياضة سنة 1913. بعد ذلك ونظراً لزيادة الاهتمام بالرياضة والتمارين الرياضية في المجتمع الحديث فقد قام جمع من الاختصاصيين و أساتذة الجامعات في أوربا و الولايات المتحدة بإنشاء الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي وذلك في علم 1965.
وتهدف تطبيقات علم النفس الرياضي إلى تحقيق :
* - فهم السلوك الرياضي وتفسيره، ومعرفة أسباب حدوث السلوك الرياضى، والعوامل التى تؤثر فيه. *- التنبؤ بما سيكون عليه السلوك الرياضى، وذلك استنادً إلى معرفة العلاقات الموجودة بين الظواهر الرياضية ذات العلاقة بهذا المجال. *- ضبط السلوك الرياضى والتحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه، وغالبًا ما تكون الآراء حول كيفية ضبط وتوجيه الحياة، مثل: معرفة أفضل الطرق لتنشئة الأطفال رياضيًا. *- الصحة النفسية بجانب الصحة البد نية في وقت واحد، فالرياضى القلق والمتردد لا يمكن أن يحقق أى إنجاز رياضى مهما تدرب أو تلقى من المفاهيم والنظريات التدريبية. وعليه يظهر هنا جليًا دور هذا العلم في تحديد هذه الأمراض النفسية، والتخلص منها قدر الإمكان عبر الاستخدام الأمثل لنظريات الصحة النفسية.
السمات التي يجب أن يتصف بها الأخصائى النفسي التربوى الرياضي،
• يجب أن يكون ذو مظهرًا حسنًا ومرتبًا ونظيفًا.
• ينبغى أن يكون ناضجًا عقليًا متزنًا في أموره كلها.
• أن يكون حسن التصرف والمرونة وسرعة البديهة.
• يجب أن يكون بشوش الوجه حليمًا وحسن الخلق.
• أن يكون مطلع على جميع العلوم والمعارف المختلفة.
• يجب أن يعرف كيفية التعامل مع المجتمع الذى يعيش فيه.
• أن يتحلى بسعة الصدر والقدرة على ضبط النفس في جميع المواقف.
• يجب أن يظهر دوره في المنشأة الرياضية التى يعمل بها بالشكل المطلوب.
• يجب أن يتحلى بالأخلاق الحميدة في تعامله مع الآخرين، وأن يكون قدوة حسنة لهم.
• يجب أن يحترم ويقدر العمل الذى يقوم به، وهو خدمة الآخرين ومساعدتهم على حل مشكلاتهم.
• يجب أن يتعاون مع الجميع، فمثلاً في النادى: الرئيس - المدرب - اللاعب -، فالكل فريق واحد ويعمل لمصلحة واحدة.
(دراسة للأستاذ معزي مشعان وزارة التربية المملكة العربية السعودية)
المصادر
البروفسور ديتر هاكفورت، رئيس الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي
علم النفس في القرن العشرين د. بدر الدين عامود
منصور طلعت وآخرون، 1978، دراسة
دراسة للأستاذ معزي مشعان
________________________
مقدمة
إن من غير الإنصاف أو الموضوعية أن يرتبط استقلال علم النفس في أذهاننا بجهد فردي قام به شخص ما، أو أن يقترن بواقعة معينة, فأن علم كهذا لا يمكن أن يكون إلاّ نتاج نشاط المئات من العلماء والباحثين في العديد من ميادين الفكر والعلم.
إنَّ الفهم الصحيح أو الخاطئ لخصائص علم النفس يعدّ واحداً من الأسباب التي تدعودائما إلى العودة إليها من أجل توضيحها والتحفيز على تحديد غايات هذا العلم ووسائله. فقد شهد هذا العلم، وما يزال يشهد، تبايناً في وجهات نظر العاملين فيه، مثلما عانى، ويعاني حتى الآن، من آراء بعض المفكرين والمثقفين القاصرة حيناً، والسلبية أحياناً. وهذا ما يميز "مناخ" علم النفس عن "مناخات" العلوم الأخرى: الطبيعية منها والاجتماعية، ولو بدرجات متفاوتة.
و قد وضع عالم النفس ياروشيفسكي كتاب في "تاريخ علم النفس" عام 1966. وقدم فيه صورة شاملة عن تطور الأفكار النفسية منذ ظهور الحكماء والأطباء الهنود والصينيين واليونانيين القدماء حتى قيام علم النفس كعلمٍ مستقل مروراً بالفلاسفة والمفكرين الذين برزوا في ظلّ الحضارة العربية-الإسلامية، ومن ثمّ فلاسفة عصور النهضة الأوربية. وتحدث بعد ذلك عن المدارس والنظريات التي نشأت وتطورت في مضمار علم النفس العالمي حتى منتصف الستينيات من القرن العشرين .( علم النفس في القرن العشرين د. بدر الدين عامود)
إنّ مرحلة النضج والعطاء عند الإنسان عامة، والباحث خاصة، ما هي إلا نتاج التفاعل والتواصل الاجتماعيين وثمرة من ثمار التربية بأوسع معاني هذه الكلمة عبر المراحل العمرية السابقة. ومهما حاول بعض العلماء تجاهل أو تجاوز نوايا هذه العلاقة واتجاهها، فإن المعاينة الدقيقة تكشف عن وجود الوعي الاجتماعي على مجمل نشاطهم كمظهر من مظاهر الوعي الإنسانيّ. وهذا ما عبر عنه الفيلسوف البريطاني برترند راسل حين قال: "إن كل الحيوانات سلكت سلوكاً يتفق مع الفلسفة التي يعتنقها الشخص الملاحظ قبل أن يبدأ ملاحظاته. بل وأكثر من ذلك، فإنّ هذه الحيوانات قد أوضحت الخصائص القومية لصاحب الملاحظة. فالحيوانات التي قام الأمريكيون بإجراء الدراسات عليها تندفع في حالة من الهياج وبنشاط واستثارة واضحة غير عادية، وفي النهاية تصل إلى النتيجة المنشودة عن طريق الصدفة. أما الحيوانات التي قام الألمان بملاحظتها فتقف ساكنة وتفكّر، وفي النهاية تصل إلى الحلّ الذي يكون بعيداً عن شعورها الداخلي"،(منصور طلعت وآخرون، 1978، 101).
ومن خلال هذا المسعى ظهرت فروع علم النفس وتشعبت استجابة لمتطلبات العصر وأهداف المجتمعات وحاجات الأفراد المتزايدة. وهكذا يمكن تصنيف فروع علم النفس بالاعتماد على أسس ثلاثة، وهي:
1-النشاط الذي يمارسه الإنسان.
2-النمو النفسي.
3-علاقة الإنسان(الذي ينشط ويتفاعل أثناء نموه) بالآخرين
وهكذا فقد أدى اهتمام علم النفس بدراسة هذه الظواهر الثلاث و من خلال أوجه النشاط الإنساني المختلفة إلى ظهور عدد من الفروع والأقسام، ومن بينها -علم النفس الرياضي الذي بدأ يدرس الخصائص النفسية عند الرياضي، ويعالج شروط ووسائل إعداده. يهدف علم النفس الرياضي إلى تحقيق جملة من الأهداف، هي: - فهم السلوك الرياضي وتفسيره، ومعرفة أسباب حدوث السلوك الرياضي، والعوامل التي تؤثر فيه. - التنبؤ بما سيكون عليه السلوك الرياضي، وذلك استنادً إلى معرفة العلاقات الموجودة بين الظواهر الرياضية ذات العلاقة بهذا المجال. - ضبط السلوك الرياضي والتحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه، وغالبًا ما تكون الآراء حول كيفية ضبط وتوجيه الحياة، مثل: معرفة أفضل الطرق لتنشئة الأطفال رياضيًا - اكتساب الأصدقاء - التأثير على الآخرين - ضبط الغضب. وتنصب الغاية من دراسة السلوك الرياضي في جملة أهداف، منها:
الصحة النفسية: يهتم علم النفس الرياضي بالصحة النفسية بجانب الصحة البدنية في وقت واحد، فالرياضي القلق والمتردد لا يمكن أن يحقق أي إنجاز رياضي مهما تدرب أو تلقى من المفاهيم والنظريات التدريبية.
الاهتمام بالسلوك الرياضي: يشمل موضوعات مهمة في علم النفس الرياضي، مثل: الشخصية - الدافعية - الضغوط النفسية - الاحتراق النفسي - الاحتراف - العنف الرياضي - العدوان الرياضي - حركة الجماعة -
أفكار ومشاعر الرياضيين- والعديد من الأبعاد الأخرى الناتجة عن الاشتراك في الرياضة والنشاط البدني.
الاثار النفسية للتربية البدنية والرياضة
وفي دراسة أجراها رائد علم نفس الرياضة أوجليفي، علي عينة تتكون من خمسة عشر ألفًا من الرياضيين، أوضحت النتائج أن للتربية البدنية والرياضة التأثيرات النفسية التالية:
- اكتساب الحاجة إلي تحقيق وإجراء أهداف عالية لأنفسهم ولغيرهم.
- الاتسام بالانضباط والطاعة واحترام السلطة.
- إكساب مستوى رفيع من الكفاءات النفسية المرغوبة مثل: الثقة بالنفس، الاتزان الانفعالي، التحكم في النفس، انخفاض التوتر، انخفاض في التعبيرات العدوانية.
وتعد المعايير الشخصية ركنًا أساسيًا في بناء المجتمعات الحديثة في زمن الحاجات واللهث خلف أوهام تحقيق الذات ونسج الخيالات عليها بغية إظهارها بصورتها المتوافقة مع متطلبات المجتمع.
وإذا نظرنا إلي الناس في أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم ولآرائهم وميولهم واتجاهاتهم واستعداداتهم - رأينا أن كل إنسان منهم يختلف عن غيره من جهة، ويشترك معه في عدد من النواحي من جهة أخرى، وأن الاختلاف يبقى دائمًا هو السمة البارزة غم وجود تلك المشتركات.
لذلك نستطيع القول بأن كل إنسان يشبه كل الناس من جهة، ويشبه بعض الناس من جهة أخرى، وهو متميز من جهة ثالثة، حيث إنه ينتمي إلي نوع الإنسان ويحمل خصائصه الإنسانية العامة، ويشبه عددًا من الناس في بعض تصرفاتهم ومظاهر سلوكهم، ولكنه يبقى متميزًا متفردًا من حيث هو كشخص.
وهنا يبرز دور الإبداع للمدرب أو المربي الرياضي في كيفية استخدام و ربط هذا التشابه و الاختلاف لخلق روح المنافسة الصحيحة بين الأقران و كيفية إنماء الخصوصية لدى الرياضي في التطوير و تحقيق أفضل الانجازات بما يعجز أقرانه عنها رغم الاشتراك في بعض المزايا.
أن خلاص الإنسانية الأكبر لن يكون إلا بالنمو البدني و الروحي معا للإنسان، وليس في تنمية الموارد المهددة بالهلاك, فحين يشعر الإنسان بجسامة الأمانة المنوطة به، تنفتح له آفاق لا حدود لها للمبادرة للقيام بشيء ماز
إن علينا أن نوقن أن القصور و التقصير وكذلك الانزواء الذي نراه اليوم في كثير من الناس ما هو إلا وليد تبلدا لإحساس و الشعور بالصفات المشتركة فقط و التي لا تذكي روح المنافسة و التحدي ولا بالمسئولية الكاملة عن أي شيء, وهنا يبرز دور الحاجة للمساعدة (من قبل المدرب آو المربي) لإظهار الصفات الفردية التي تميزه عن غيره والدفع نحو الانجاز الفردي.
العوامل المساعدة للرقي الرياضي
الإرادة:
وهي شرط لكل تغيير، بل وشرط لكل ثبات واستقامة، وفي هذا السياق فإن الرياضي يعطينا نموذجًا رائعًا في إرادة الاستمرار، فهو يتدرب لاكتساب اللياقة البدنية والمهارية والخططية... وغيرها، وهكذا فإن تنمية الشخصية ما هي إلا استمرار في اكتساب عادات جديدة حميدة.
التغيير:
يظن كثير من الناس أن وضعه الحالي جيد ومقبول أو أنه ليس الأسوأ علي كل حال، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكانياته محدودة، ولذلك فإن ما هو فيه لا يمكن تغييره !، والحقيقة أن الإنسان حين يتطلع إلي التفوق علي ذاته والتغلب علي المشكلات من أمامه سوف يجد أن إمكانيات التحسين أمامه مفتوحة مهما كانت ظروفه.
الشخصية القيادية :
تقوم القيادة الناجحة في التربية البدنية والرياضة علي توافر جملة من السمات الشخصية للقائد، ومن أبرز هذه السمات، ما يلي:
- القدرة علي تفهم الأهداف العامة للتربية البدنية والرياضة.
- توافر السمات البدنية والعقلية الضرورية لممارسة الدور القيادي.
- توافر المهارات والخبرات الفذة في الإنجاز.
- توافر سمات اجتماعية ونفسية رفيعة تجعله في قمة السمو والإقتداء.
- توافر مقومات مكتسبة تضفي علي دوره المزيد من النجاح.
ألممارسات و التطبيقات العملية
لقد ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بحل المشكلات في إطار سيكولوجية التفكير، والتفكير الابتكاري بصورة خاصة، وفي إطار التربية بصورة عامة والتربية البدنية والرياضة بصفة خاصة، وتتجلى أهمية طريقة حل المشكلات كإحدى أهم طرائق تنمية التفكير للرياضي في أن المتعلم في شروط المواقف الإشكالية يكتشف عناصر جديدة وينمي أساليب غير مألوفة ويختبر فرضيات وتوقعات من صنعه هو و بتقدير ذاتي و اني للموقف، وبفضل ذلك ونتيجة له يصبح قادرًا علي تجاوز قدر أكبر من الصعوبات التي تواجهه، وعلي اتخاذ قرارات أكثر دقة وملاءمة.
يعتبر علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية اختصاصا أساسيا في العلم الرياضي، إذ جاء إنشاء هذا الاختصاص نتيجة لتطور الطرق وتنوعها، وتعدد فرق المختصين في المجتمع العلمي. ويمكن تحديد علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية ووصفها من خلال هذا الشكل الثلاثي الأبعاد الذي يجمع علم النفس الرياضي مع كافة العلوم الرياضية و البدنية. (لاحظ الشكل المرفق)
إن علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية تعميق للمعرفة العلمية المحترفة التي تسلط الضوء على أبعاد السلوك الناتجة عن التمارين الرياضية المختلفة. ويهدف هذا الاختصاص إلى تشخيص الطرق المستخدمة في تعديل السلوك الرياضي بغية تطويرها، وذلك بالاعتماد على البحوث التجريبية والمعايير الأخلاقية. (البروفسور ديتر هاكفورت، رئيس الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي)
وبقدر ما تكون علاقات الفرد الذاتية والاجتماعية واضحة، بقدر ما يمكننا من دراسة وتشخيص أسسه الفيزيونفسية، والاجتماعية النفسية ، والبيئية النفسية، وكذلك استعداداته الأولية والتنبؤ بإنجازاته المستقبلية في التدريب والرياضة ، وذلك من خلال رؤية واضحة تساهم في بلوغ ذروة الأداء
وقد انصبّ اهتمام العديد من الباحثين والخبراء على جوانب مختارة كتركيزهم على أهداف وطرق خاصة. وقد يتم التركيز على أبعاد نفسية مختلفة (مثل الأبعاد العاطفية والذهنية والتحفيزية والمحرّكة للأحاسيس). وتبعا لذلك، يمكن أن يكون النشاط البدني نشاطا تنافسيا وترفيهيا ومساعدا على استرجاع اللياقة. كما يمكن للمشاركين أن ينخرطوا في أنشطة وتمارين مختلفة.
إنّ لرؤية علم النفس الرياضي والتمارين الرياضية تصوّر ذو بعدين: فمن جهة، يقوم هذا العلم بتحليل كيفية مراقبة الأفعال الرياضية والتحكم فيها بواسطة عمليات نفسية . ومن جهة أخرى، فهو يقوم بدراسة كيفية تحكم التمارين والأفعال الرياضية في العمليات النفسية وتنظيمها، (مثل العمليات الذهنية والعاطفية والشعورية والتحفيزية والإدارية). وتهدف هذه العمليات إلى تعزيزا لمفاهيم النظرية وتوسيع دور الوسائل الفعالة التي تتدخل في الرياضة .
يهتم علماء النفس الرياضي والتمارين الرياضية التطبيقيون بتعزيز الأداء وتقديم الاستشارة والتأهيل إثر الإصابة وتشجيع النشاط البدني للحفاظ على الصحة. كما يقوم علماء النفس الرياضي والتمارين الرياضية التطبيقيون بتطوير البحوث الرياضية واختبار النماذج والنظريات وإجراء دراسات علمية لفهم الأساليب المرتبطة بالرياضة والتمارين الرياضية.
ويقوم علماء النفس الرياضي، سواء كانوا باحثين أو تطبيقيين بالمساهمة في التطور الشخصي في الحالات التي تؤدّى فيها الرياضة والتمارين الرياضية. كما يحرص علماء النفس الرياضي على متابعة ثلاثة أنشطة مختلفة ولكنها متداخلة فيما بينها: النظرية والبحث، التربية، التطبيق
لقد تطور علم النفس الرياضي في القرن العشرين. وذلك إثر مبادرة ويلهام فونت سنة 1879 بتأسيس المختبر الأول لعلم النفس الرياضي التجريبي في مدينة لابزك (ألمانيا) ثم المختبر الأول لعلم النفس الرياضي سنة 1920 بفضل شولت في مدينة برلين (ألمانيا) واتبعه جريفث في مدينة إلينوي (الولايات المتحدة الأمريكية) سنة 1925. وقد لعب بيار دو كوبرتن، مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة دورا مهما عندما نظم الملتقى الدولي الأول والوحيد من نوعه حول علم النفس والفيزيولوجيا في الرياضة سنة 1913. بعد ذلك ونظراً لزيادة الاهتمام بالرياضة والتمارين الرياضية في المجتمع الحديث فقد قام جمع من الاختصاصيين و أساتذة الجامعات في أوربا و الولايات المتحدة بإنشاء الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي وذلك في علم 1965.
وتهدف تطبيقات علم النفس الرياضي إلى تحقيق :
* - فهم السلوك الرياضي وتفسيره، ومعرفة أسباب حدوث السلوك الرياضى، والعوامل التى تؤثر فيه. *- التنبؤ بما سيكون عليه السلوك الرياضى، وذلك استنادً إلى معرفة العلاقات الموجودة بين الظواهر الرياضية ذات العلاقة بهذا المجال. *- ضبط السلوك الرياضى والتحكم فيه بتعديله وتوجيهه وتحسينه إلى ما هو مرغوب فيه، وغالبًا ما تكون الآراء حول كيفية ضبط وتوجيه الحياة، مثل: معرفة أفضل الطرق لتنشئة الأطفال رياضيًا. *- الصحة النفسية بجانب الصحة البد نية في وقت واحد، فالرياضى القلق والمتردد لا يمكن أن يحقق أى إنجاز رياضى مهما تدرب أو تلقى من المفاهيم والنظريات التدريبية. وعليه يظهر هنا جليًا دور هذا العلم في تحديد هذه الأمراض النفسية، والتخلص منها قدر الإمكان عبر الاستخدام الأمثل لنظريات الصحة النفسية.
السمات التي يجب أن يتصف بها الأخصائى النفسي التربوى الرياضي،
• يجب أن يكون ذو مظهرًا حسنًا ومرتبًا ونظيفًا.
• ينبغى أن يكون ناضجًا عقليًا متزنًا في أموره كلها.
• أن يكون حسن التصرف والمرونة وسرعة البديهة.
• يجب أن يكون بشوش الوجه حليمًا وحسن الخلق.
• أن يكون مطلع على جميع العلوم والمعارف المختلفة.
• يجب أن يعرف كيفية التعامل مع المجتمع الذى يعيش فيه.
• أن يتحلى بسعة الصدر والقدرة على ضبط النفس في جميع المواقف.
• يجب أن يظهر دوره في المنشأة الرياضية التى يعمل بها بالشكل المطلوب.
• يجب أن يتحلى بالأخلاق الحميدة في تعامله مع الآخرين، وأن يكون قدوة حسنة لهم.
• يجب أن يحترم ويقدر العمل الذى يقوم به، وهو خدمة الآخرين ومساعدتهم على حل مشكلاتهم.
• يجب أن يتعاون مع الجميع، فمثلاً في النادى: الرئيس - المدرب - اللاعب -، فالكل فريق واحد ويعمل لمصلحة واحدة.
(دراسة للأستاذ معزي مشعان وزارة التربية المملكة العربية السعودية)
المصادر
البروفسور ديتر هاكفورت، رئيس الجمعية الدولية لعلم النفس الرياضي
علم النفس في القرن العشرين د. بدر الدين عامود
منصور طلعت وآخرون، 1978، دراسة
دراسة للأستاذ معزي مشعان
0 commentaires :
إرسال تعليق